فصل: الفصل الثاني: تشريح القحف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الجملة الأولى: العظام:

وهي ثلاثون فصلاً:

.الفصل الأول: العظام والمفاصل:

نقول: إن من العظام ما قياسه من البدن قياس الأساس وعليه مبناه مثل فقار الصلب فإنه أساس للبدن عليه يبنى كما تبنى السفينة على الخشبة التي تنصب فيها أولاً ومنها قياسه من البدن قياس المجن والوقاية كعظم اليافوخ ومنها ما قياسه قياس السلاح الذي يدفع به المصادم والمؤذي مثل العظام التي تدعى السناسن وهي على فقار الظهر كالشوك ومنها ما هو حشو بين فرج المفاصل مثل العظام السمسمانية التي بين السلاميات ومنها ما هو متعلق للأجسام المحتاجة إلى علاقة كالعظم الشبيه باللام لعضل الحنجرة واللسان وغيرهما.
وجملة العظام دعامة وقوام للبدن وما كان من هذه العظام إنما يحتاج إليه للدعامة فقط وللوقاية ولا يحتاج إليه لتحريك الأعضاء فإنه خلق مصمتا، وإن كانت فيه المسام والفرج التي لا بد منها وما كان يحتاج إليه منها لأجل الحركة أيضاً فقد زيد في مقدار تجويفه وجعل تجويفه في الوسط واحدا ليكون جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة فيصير رخواً بل صلب جرمه وجمع.
غذاؤه وهو المخ في حشوه.
ففائدة زيادة التجويف أن يكون أخف وفائدة توحيد التَجويف أن يبقى جرمه أصلب وفائدة صلابة جرمه أن لا ينكسر عند الحركات العنيفة وفائدة المخّ فيه ليغذوه على ما شرحناه قبل وليرطبه دائماً فلا يتفتت بتجفيف الحركة وليكون وهو مجوف كالمصمت.
والتجويف.
يقل إذا كانت الحاجة إلى الوثاقة أكثر ويكثر إذا كانت الحاجة إلى الخفة أكثر.
والعظام المشاشية خلقت كذلك لأمر الغذاء المذكور مع زيادة حاجة بسبب شيء يجب أن ينفذ فيها كالرائحة المستنشقة مع الهواء في عظم المصفاة ولفضول الدماغ المدفوعة فيها والعظام كلها متجاورة متلاقية وليس بين شيء من العظام وبين العظم الذي يليه مسافة كثيرة بل في بعضها مسافة يسيرة تملؤها لواحق غضروفية أو شبيهة بالغضروفية خلقت للمنفعة التي للغضاريف وما لم يجب فيه مراعاة تلك المنفعة.
خلق المفصل بينها بلا لاحقة كالفّك الأسفل.
والمجاورات التي بين العظام على أصناف: فمنها ما يتجاور مفصل سلس ومنها ما يتجاور تجاور مفصل عسر غير موثق ومنها ما يتجاور تجاور مفصل موثق مركوز أو مدروز أو ملزق.
والمفصل السلس هو الذي لأحد عظميه أن يتحرّك حركاته سهلاً من غير أن يتحرك معه العظم الآخر كمفصل الرسغ مع الساعد.
والمفصل العسر غير الموثق هو أن تكون حركة أحد العظمين وحده صعبة وقليلة المقدار مثل المفصل الذي بين الرسغ والمشط أو مفصل ما بين عظمين من عظام المشط.
وأما المفصل الموثق فهو الذي ليس لأحد عظميه أن يتحرّك وحده البتة مثل مفصل عظام القصّ.
فأما المركوز فهو ما يوجد لأحد العظمين زيادة وللثاني نقرة ترتكز فيها تلك الزيادة ارتكازاَ لا يتحرك فيها مثل الأسنان في منابتها.
وأما المدروز فهو الذي يكون لكل واحد من العظمين تحازيز وأسنان كما للمنشار ويكون أسنان هذا العظم منهدمة في تحازيز ذلك العظم كما يركب الصًفارون صفائح النحاس.
وهذا الوصل يسمى شأنا ودرزاً كالمفاصل وعظام القحف.
والملزق منه ما هو ملزق طولاً مثل مفصل بين عظمي الساعد ومنه ما هو ملزق عرضاً مثل مفصل الفقرات السفلى من فقار الصلب فإن العليا منها مفاصل غير موثقة.

.الفصل الثاني: تشريح القحف:

أما منفعة جملة عظم القحف فهي إنها جنة للدماغ ساترة وواقية عن الآفات.
وأمّا المنفعة في خلقها قبائل كثيرة وعظاما فوق واحدة فتنقسم إلى جملتين:
جملة معتبرة بالأمور التي بالقياس إلى العظم نفسه وجملة معتبرة بالقياس إلى ما يحويه العظم.
أما الجملة الأولى فتنقسم إلى منفعتين: إحداهما أنه أن اتفق أن يعرض للقحف آفة في جزء من كسر أو عفونة لم يجب أن يكون ذلك عاما للقحف كله كما يكون لو كان عظما واحداً.
والثانية أن لا يكون في عظم واحد اختلاف أجزاء في الصلابة واللين والتخلخل والتكاثف والرقة والغلظ الاختلاف الذي يقتضيه المعنى المذكور عن قريب.
وأما الجملة الثانية: فهي المنفعة التي تتم بالشؤون فبعضها بالقياس إلى الدماغ نفسه بأن يكون لما يتحلّل من الأبخرة الممتنعة عن النفوذ في العظم نفسه لغلظة طريق ومسلك ليفارقه فينقي الدماغ بالتحلل.
ومنفعة بالقياس إلى ما يخرج من الدماغ من ليف العصب الذي ينبت في أعضاء الرأس ليكون لها طريق.
ومنفعتان مشتركتان بين الدماغ وبين شيئين اخرين أحدهما بالقياس إلى العروق والشرايين الداخلة إلى داخل الرأس لكي يكون لها طريق ومنفعة بالقياس إلى الحجاب الغليظ الثقيل فتتشبث أجزاء منه بالشؤون فيستقل عن الدماغ ولا يثقل عليه.
والشكل الطبيعي لهذا العظم هو الاستدارة لأمرين ومنفعتين.
أحدهما بالقياس إلى داخل وهو أن الشكل المستدير أعظم مساحة مما يحيط به غيره من الأشكال المستقيمة الخطوط إذ تساوت إحاطتها.
والآخر بالقياس إلى خارج وهو أن الشكل المستدير لا ينفعل من المصادمات ما ينفعل عنه ذو الزوايا.
وخلق إلى طول مع استدارة لأن منابت الأعصاب الدماغية موضوعة في الطول.
وكذلك يجب لئلا ينضغط وله نتوآن إلى قدام وإلى خلف ليقيا الأعصاب المنحدرة من الجنبين.
ولمثل هذا الشكل دروز ثلاثة حقيقية ودرزان كاذبان ومن الأولى درز مشترك مع الجبهة قوسي هكذا! ويسمّى الاكليلي ودرز منصف لطول الرأس مستقيم يقال له وحده سهمي.
وإذا اعتبر من جهة اتصاله بالإكليلى قيل له سفودي وشكله كشكل قوس يقوم في وسطه خط مستقيم كالعمود هكذا والدرز الثالث هو مشترك بين الرأس من خلف وبين قاعدته وهو على شكل زاوية يتّصل بنقطتها طرف السهمي ويسمّى الدرز اللامي لأنه يشبه اللام في كتابة اليونانيين وإذا انضم إلى الدرزين المقدمين صار شكله هكذا: وأمّا الدرزان الكاذبان فهما اخذان في طول الرأس على موازاة السهمي من الجانبين وليسا بغائصين في العظيم تمام الغوص ولهذا يسميان قشريين.
وإذا اتصلا بالثلاثة الأولى الحقيقية صارت شكلها هكذا.
وأمّا أشكال الرأس غير الطبيعية فهي ثلاثة.
أحدها أن ينقص النتوء المقدم فيفقد له من الدرز الاكليلي.
والثاني أن ينقص النتوء المؤخر فيفقد له من الدروز الدرز اللامي.
والثالث أن يفقد له النتواَن جميعاً ويصير الرأس كالكرة متساوي الطول والعرض.
قال فاضل الأطباء جالينوس: إن هذا الشكل لما تساوى فيه الأبعاد وجب فيه العدل أن يتساوى فيه قسمة الدروز وقد كان قسمة الدروز في الأوّل للطول درز وللعرض لدرزان فيكون ههنا للطول درز وللعرض كذلك درز واحد وأن يكون الدرز العرضي في وسط العرض من الأذن إلى الأذن على هذه الصورة كما أن الدرز الطولي في وسط الطول.
قال هذا الفاضل: ولا يمكن أن يكون للرأس شكل رابع كير طبيعي حتى يكون الطول أنقص من العرض إلا وينقص من بطون الدماغ أو جرمه شيء وذلك مضادّ للحياة مانع عن صحة التركيب.
وصوب قول مقدم الأطباء بقراط إذ جعل أشكال الرأس أربعة فقط فاعلم ذلك.

.الفصل الثالث: تشريح ما دون القحف:

وللرأس بعد هذا خمسة عظام أربعة كالجدران وواحد كالقاعدة وجعلت هذه الجدران أصلب من اليافوخ لأن السقطات والصدمات عليها أكثر ولأن الحاجة إلى تخلخل القحف واليافوخ أَمَسُّ لأمرين: أحدهما لينفذ فيه البخار المتحلّل.
والثاني لئلا يثقل على الدماغ.
وجعل أصلب الجدران مؤخرها لأنه غائب عن حراسة الحواس فالجدار الأوّل هو عظم الجبهة ويحدّه من فوق الدرز الاكليلي ومن أسفل درز آخر يمتد من طرف الاكليلي ماراً على العين عند الحاجب متصلاً اخره بالطرف الثاني من الإكليلي والجداران اللذان يمنة ويسرة فهما العظمان اللذان فيهما الأذنان ويسميان الحجرتين لصلابتهما ويحد كل واحد منها من فوق الدرز القشري ومن أسفل درز يأتي من طرف الدرز اللامي ويمر منتهياً إلى الإكليلي ومن قدام جزء من الإكليلي ومن خلف جزء من اللامي.
وأما الجدار الرابع فيحده من فوق الدرز اللامي ومن أسفل الدرز المشترك بين الرأس والوتدي ويصل بين طرفي اللامي.
وأما قاعدة الدماغ فهو العظم الذي يحمل سائر العظام ويقال له الوتدي وخلق صلباً لمنفعتين: إحداهما أن الصلابة تعين على الحمل.
والثاني أن الصلب أقل قبولاً للعفونة من الفضول وهذا العظم موضوع تحت فضول تنصبّ دائماً فاحتيط في تصليبه وفي كل واحد من جانبي الصدغين عظمان صلبان يستران العصبة المارة في الصدغ ووضعهما في طول الصدغ على الوارب ويسميان الزوج.

.الفصل الرابع: تشريح عظام الفكين والأنف:

أما عظام الفك والصدغ: فيتبين عددها مع تبيننا لدروز الفك فنقول: إن الفك الأعلى يحدّه من فوق درز مشترك بينه وبين الجبهة مار تحت الحاجب من الصدغ إلى الصدغ ويحدّه من تحت منابت الأسنان ومن الجانبين لحرز يأتي من ناحية الأذن مشتركاً بينه وبين العظم الوتدي الذي هو وراء الأضراس ثم الطرف الآخر هو منتهاه أعني أنه يميل نابياً إلى الإنسي يسيراً فيكون درز يفرق بين هذا وبين الدرز الذي نذكره وهو الذي يقطع أعلى الحنك طولاً.
فهذه حدوده.
وإما دروزه الداخلة في حدوده فمن ذلك درز يقطع أعلى الحنك طولاً ولدرز آخر يبتدىء ما بين الحاجبين إلى محاذاة ما بين الثنيتين ودرز يبتدىء من عند مبتدأ هذا الدرز ويميل عنه منحدراً إلى محاذاة ما بين الرباعية والناب من اليمين ودرز آخر مثله في الشمال فيتحدد إذاً بين هذه الدروز الثلاثة الوسطى والطرفين.
وبين محاذاة منابت الأسنان المذكورة عظمان مثلثان لكن قاعدتا المثلثين ليستا عند منابت الأسنان بل يعترض قبل ذلك درز قاطع قريب من قاعدة المنخرين لأن الدروز الثلاثة تجاوز هذا القاطع إلى المواضع المذكورة ويحصل دون المثلثين عظمان تحيط بهما جميعاً قاعدة المثلثين ومنابت الأسنان وقسمان من الدرزين الطرفيين يفصل أحد العظمين عن الآخر ما ينزل عن الدرز الأوسط فيكون لكل عظم زاويتان قائمتان عند هذا الدرز الفاصل وحادة عند النابين ومنفرجة عند المنخرين ومن دروز الفك الأعلى درز ينزل من الدرز المشترك الأعلى آخذاً إلى ناحية العين فكما يبلغ النقرة ينقسم إلى شعب ثلاثة: شعبة تمز تحت الدرز المشترك مع الجبهة وفوق نقرة العين حتى يتصل بالحاجب ودرز دونه يتصل كذلك من غير أن يدخل النقرة ودرز ثالث يتّصل كذلك بعد دخول النقرة وكل ما هو منها أسفل بالقياس إلى الدرز الذي تحت الحاجب فهو أبعد من الموضع الذي يماسه الأعلى.
ولكن العظم الذي يفرزه الدرز الأول من الثلاثة أعظم ثم الذي يفرزه الثاني.
وأما الأنف فمنافعه ظاهرة وهي ثلاثة: أحدها: أنه يعين بالتجويف الذي يشتمل عليه في الاستنشاق حتى ينحصر فيه هواء أكثر ويتعدل أيضاً قبل النفوذ إلى الدماغ فإن الهواء المستنشق وإن كان ينفذ جملة إلى الرئة فإن شطراً صالح المقدار ينفذ أيضاً إلى الدماغ ويجمع أيضاً للإستنشاق الذي يطلب فيه التشمم هواء صالحاً في موضع واحد أمام آلة الشمّ ليكون الإدراك أكثر وأوفق.
فهذه ثلاث منافع في منفعة.
وأما الثانية: فإنه يعين في تقطيع الحروف وتسهيل إخراجها في التقطيع لئلا يزدحم الهواء كلّه عند المواضع التي يحاول فيها تقطيع الحروف بمقدار.
فهاتان منفعتان في واحدة.
ونظير ما يفعله الأنف في تقدير هواء الحروف هو ما يفعله الثقب مطلقاً إلى خلف المزمار قلا يتعرّض له بالسد.
وأما الثالثة: فليكون للفضول المندفعة من الرأس ستر ووقاية عن الأبصار وأيضاً آلة معينة على نفضها بالنفخ.
وتركيب عظام الأنف من عظمين كالمثلثين يلتقي منها زاويتاهما من فوق والقاعدتان يتماسان عند زاوية ويتفارقان بزاويتين.
والعظمان كلّ واحد منهما يركب أحد الدرزين الطرفيين المذكورين تحت درز عظام الوجه وعلى طرفيهما السافلين غضروفان لينان وفيما بينهما على طول الدرز الوسطاني غضروف جزؤه الأعلى أصلب من الأسفل وهو بالجملة أصلب من الغضروفين الآخرين.
فمنفعة الغضروف الوسطاني أن يفصل الأنف إلى منخرين حتى إذا نزل من الدماغ فضلة نازلة مالت في الأكثر إلى أحدهما ولم يسد طريق جميع الاستنشاق المؤدي إلى الدماغ هواء مروحاً لما فيه من الروح.
ومنفعة الغضروفين الطرفيين أمور ثلاثة: المنفعة المشتركة للغضاريف الواقعة على أطراف العظام وفرغنا منها.
والثانية لكي ينفرج ويتوسّع إن احتيج إلى فضل استنشاق أو نفخ.
والثالثة ليعين في نقض البخار باهتزازها عند النفخ وانتفاضها وارتعادها وخُلق عظما الأنف دقيقين خفيفين لأن الحاجة ههنا إلى الخفة أكثر منها إلى الوثاقة وخصوصاً لكونهما بريئين عن مواصلة أعضاء قابلة للآفات وموضوعين بمرصد من الحس.
وأما الفك الأسفل قصورة عظامه ومنفعته معلومة وهو أنه من عظمين يجمع بينهما تحت الذقن مفصل موثق وطرفاهما الآخران ينتشر عند آخر كل واحد منهما ناشزة معقفة تتركب مع زائدة مهندمة لها ناتئة من العظم الذي ينتهي عنده مربوطة بوقوع أحدهما على الآخر برباطات.